كتب هشام ساق الله – لعل ابرز الاسرى الذين سيتم الافراج عنهم في الدفعه الرابعه هما الاسيران كريم يونس وابن عمه الاسير ماهر يونس اللذان امضيا اثنين وثلاثين عاما في سجون الاحتلال وهما اقدما اسيران في سجون الاحتلال الصهيوني وسبق ان حكما عليهما بالاعدام مع عمهم الاسير المحرر ابونادر يونس الذي تم اطلاق سراحه في صفقة وفاء الاحرار .
وانا في مقر الصليب الاحمر اليوم تحدثت مع عدد من الاخوى الاسرى الذين عاشوا مع كريم يونس وابن عمه ماهر في فترة اعتقاله الاولى حيث قال لي احدهم انهم التقى مع الاسير كريم في سجن عسقلان عام 1987 وانه ينتظر وبفارغ الصبر ان يتم اطلاق سراحه هو وابن عمه الاسير ماهر يونس كفى لهؤلاء الاسرى ما امضوه في سجون الاحتلال الصهوني .
الجميع يجمع على روعة هؤلاء الكوادر والقاده الذين لهم ذكريات مع كل الاسرى في كل السجون فقد تنقلوا ولفوا كل السجون ولم يبقى احد الا سمع عنهم وعرف عنهم الاخبار وله ذكريات معهم .
اليوم لم يغيبا الاسيرين كريم ويونس كما كل اسبوع في الصليب الاحمر وكانت صورهم موجوده رفعها الشباب مطالبين بان يتم عودتهما الى بلدهم الاصليه عاره في المثلث وان يعودوا الى بيوتهم وان تفرح ام الاسير كريم هذه العجوز التي تعبت وهي تجري ورائه من سجن لسجن وعلى مدار الاثنين والثلاثين عاما هي ووالده الذي توفى مؤخرا .
ادمت قلبي هذه المراه العجوز ام كريم وهي تتحدث عنه وانتظارها ان تفرح بعودته وانا اسمع لها امس على موقع جريدة القدس هي وشقيقه دمعت عيناي فهذا الرجل على الرغم اني لم التقيه ولكن من كثر ماسمعت عنه وعن اخلاقه وادبه وثقافته وتحديه للسجان الصهيوني جعلتني اتمنى ان يتم اطلاق سراحه بسرعه كي يعيش حياته ويتزوج وينجب اطفال .
وكتب موقع اسرى ال 48 نبذه تعريفيه عن الاسيرين كريم وماهر يونس ناخذهما كما وردتا حتى نعرف قراء مدونتي بعظمة وروعه هؤلاء الابطال الذين يستحقوا الحريه ويستحقوا ان يتم التمسك بالمطالبه باطلاق سراحهما ونتمنى ان لايتاخر اطلاق سراحهم طويلا .
ولد المناضل كريم يونس يوم 24/12/1958م في قرية عارة / المثلث الشمالي بين ثلاثة أشقاء وشقيقتان, وقد أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في مدارس القرية, ثم التحق بجامعة بئر السبع قسم الهندسة الميكانيكية, وخلال السنة الدراسية الثالثة وبالتحديد يوم 6/1/1983م اعتقلته السلطات الإسرائيلية, وبعد التحقيق معه وجهت له النيابة العسكرية تهمة الانتماء إلى منظمة فتح المحظورة, وحيازة أسلحة بطريقة غير قانونية, وقتل جندي إسرائيلي, وبعد 27 جلسة من المحاكمات حكمت عليه المحكمة العسكرية في مدينة اللد بالإعدام شنقا, وبعد الحكم مباشرة استبدلت العائلة المحامي الأول بمحامي آخر يدعى زخروني من مدينة بيتح تكفا, وخلال جلسات قصيرة لم تستغرق أكثر من شهر واحد اعادت المحكمة النظر في قرارها السابق وخفضته من الاعدام إلى المؤبد, وحتى كتابة هذه السطور تنقل كريم بين كل من سجن عارة, الخضيرة, الجلمة, كفار يونا, الرملة, عسقلان, نفحة, بئر السبع, الشارون, مجدو, وهدريم واليوم لا يزال كريم أعزبا ويقبع في سجن هدريم, وخلال وجوده في السجن التحق بالجامعة المفتوحة قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
هذا وكان كريم قد كتب في سنوات التسعين من القرن الماضي مقالا تحت عنوان “الصراع الأيدولوجي والتسوية” رفض من خلاله اتفاقية أوسلو وتنبدأ بأنها لن تحقق لنا ما نصبوا إليه, هذا المقال أحدث ضجة بين زملائه الأسراى وخالفوه الرأي ولهذا عدل عن نشره, ولم ينشر حتى اليوم, واستمر كريم في الكتابة, وقد أصدر كتابا تحت عنوان “الواقع الآخر للأحزاب الإسرائيلية” فضح من خلاله جميع الأحزاب والسياسة الإسرائيلية.
الجدير بالذكر أنه بعد أن تحرر عميد الأسرى سامي خالد يونس من خلال عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل ومنظمة حماس, أصبح كريم يونس وماهر يونس عميدا الأسرى في السجون الإسرائيلية, في كل فلسطين, وبهذه المناسبة أقامت جمعية أنصار السجين “الرابطة” يوم 3/3/2012م حفلا في قرية عارة, في بيت كريم يونس, تخلله كلمات قصيرة, وإشعال شعلة كبيرة فوق موقع بارز بين الحضور, وإشعال عددا آخر من الشموع حول الموقع, وهو تقليد سنوي, يقام في بيت كل أسير يكون قد قضى أكبر فترة داخل السجون الإسرائيلية, حيث يطلق عليه اسم “عميد الأسرى”, وكان قد مضى على كريم وماهر ما يقارب 30 عاما على وجودهما وراء القضبان, هذا الاحتفال التقليدي هو في حد ذاته إشارة إلى الديمقراطية المزيفة التي تتشدق بها حكومة إسرائيل, ورسالة إلى العالم ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن السجون الإسرائيلية هي إعدام بطيء للأسير السياسي الفلسطيني, حيث لا تحديد زمني لأحكام المؤبد في القاموس الإسرائيلي.
في كل مرة نتكلم بها عن كريم يونس فإننا حتما نتكلم عن والدته, تلك المرأة التي تتمتع بشخصية قوية , وثقافة عالية, وقد كانت تشارك في معظم الاجتماعات الشعبية والاحتجاجات والمظاهرات الخاصة بالأسرى, وكانت حتى أقعدها المرض, هي ممثلة ذوي الأسرى في كثير من المناسبات, والناطقة باسمهم, ولهذا فلا غرابة أن يكون شبلها يتمتع بصفاتها, فكريم صاحب شخصية قوية ومعنوياته عالية, كما أنه يشارك زملاءه الأسرى, في معظم الفعاليات والاحتجاجات التي تصب في صالح الأسرى السياسيين.
والدة الأسير كريم يونس (صبحية وهبي يونس) في لقائها مع غادة أسعد مراسلة صوت الحق والحرية, ، وقد جرى اللقاء قبل إتمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل ومنظمة حماس, بفترة قصيرة, وحول سؤالها عنعلاقتها بابنها كريم قالت:
“علاقة عشق بين أسير ومحرر” وأكثر من ذلك، كما تقول ام كريم “علاقة شوق وحنين لا ينتهي للقاء أحلم بأن يكون قاب قوسين أو أقرب”.
وعن تفاصيل اعتقال كريم قال:
“كانت طرقات الباب عنيفة على المنزل ليلة الرابع من كانون الثاني/ شتاء العام 1983، فـتح زوجي يونس فضل اليونس الباب، كانت الساعة قد تجاوزت الثانية ليلاً، كنت خلف الباب، فدفع الجنود بي الى الداخل، وطالبوني بإحضار كريم، الذي كان يدرس في جامعة بن غوريون في بئر السبع، لم يجدوه فغادروا المكان، وفي الليلة ذاتها، كانوا قد قادوا سامي قريب العائلة الى المعتقل. وفي صباح اليوم التالي ألقوا القبض على كريم أمام زملائه في جامعته، وبعد بضع ساعات لحق به قريبه ماهر، أما التهمة التي وجهت للثلاثة من عائلة يونس قتل “جندي اسرائيلي”.
وتتابع ام كريم سرد التفاصيل وتقول: “أخذت العائلة تبحث عن محامٍ قدير، له باع في القضايا السياسية فأرشدونا الىالمحامي (ز.ك) الذي طلب مبلغًا عاليًا، في حينه يصل الى 16 الف دولار في العام 1983 (15 الف دولار مقابل أتعابه و1000 دولار لتشريح جثة القتيل)، وبعد 27 جلسة من المحاكمات امتدت على مدار سنة كاملة، صدر حكم النيابة الإسرائيلية بإعدام كريم وماهر شنقًا بالحبل”. وتقول ام كريم بصوتٍ خافت: “مؤكّد أنّ الحكم جاء لتحطيمنا معنويًا ونفسيًا، فلم تكن إسرائيل لتعدم أحد سجنائها حتى العام 1983، وما صدر من قرار، أعتقد أنه جاءَ ليخيفنا ويعاقبنا على كوننا مواطني اسرائيل الذين (خُنا المواطنة على حد تعبيره). وما جرى عندما طالبنا بلقاء السجناء أنهم أتوا بحراسة، يرتدون ملابس حمراء اللون، مقيدي اليدين والرجلين”.
وعن حيثيات الاعتقال قالت أم كريم: “تمّ استبدال المحامي العربي بآخر يهودي يدعى “زخروني” من مدينة بيتح تكفا، الذي حصل على 7 الاف دولار نظير مجهوده، وخلال جلساتٍ قصيرة لم تستغرق الشهر، غيرت المحكمة قرارها من الإعدام شنقًا لمؤبدٍ مفتوح”.
وعن “قساوة الفراق وغياهب السجون” تقول أم كريم:
،تعتبر أم كريم نفسها أيضًا سجينة، مثلها مثل ابنها كريمها، فهي أمضت الى جانب ابنها 28 سنة، خلال زياراتها الدورية، مرة كل اسبوعين، فتقول: “لم أستثنِ أي زيارة طوال السنوات الماضية، كنت دائمًا أجد من يرافقني من العائلة، إما والده أو أحد أشقائه أو عمه أو خاله، وفقط في الشهر الأخير لم أزره، بسبب العملية التي أجريتها لاستئصال إحدى الكِليتين، التي فسدت بسبب الحصوة”.
وعن لقاءاتها الدائمة مع كريم تقول:
“في لقاءاتي الدائمة مع كريم، كان إذا ما رآني أدمع ينزعج ويهددني بقطع الزيارة، ويقول بالحرف الواحد: “هل ضايقتك؟!!
ألا تعتبرينني رجلاً شهمًا وشجاعًا؟!!! أليس من المفترض أن تفتخري بي بدل أن تبكي من أجلي؟!!!، ألستِ أنتِ مَن تؤمنين أنّ السجن للرجال، فهل غيرتِ رأيك الآن؟!!!”
تبتسم ام كريم، رغم الدموع المنهمرة وتقول: ” ما يعزي القلب أنّ كريم ترك انطباعًا ممتازًا في قلوب الآخرين من زملائه السجناء ومن أهاليهم…”، وأضافت: “أحمد الله أن كريم لم يتزوج ويترك خلفه زوجة وأبناء، فذلك بالنسبة لي سيكون كمن طُعن في صدره بالخنجر”.
وحول المعاناة التي ذاقتها ام كريم قالت:
“كانت المعاناة في الوصول إلى السجون، قاسية لأبعد حدود الوصف، ففي السنوات الست الأولى أمضينا فترة طويلة ونحن نسافر تاركين أطفالنا صغارًا، لننطلق عند الساعة الرابعة صباحًا، باتجاه معتقل نفحة الصحراوي (النقب- طريق متسبيه ريمون)، ونستقل الباص الذي ينقل العمال المسافرين الى تل أبيب، ومن تل أبيب نسافر بالباص المتجه الى بئر السبع ومن ثم نستبدله بالباص المتجه الى متسبيه ريمون (في النقب). وما كنا نكترث حتى لو اساء بعضهم معاملتنا، فرؤية الابن تخفف من وقع كل إساءة، فنتغاضى عن كلِ مكروهٍ مقصود، من قبل إدارة السجن أو احد أفرادها، وأسوأ ما نعيشه هو لقاء الأبناء عبر الزجاج دون أن نلامسه ونتحدث اليه, وعبر هاتفٍ يوصل الصوت بيننا، ووجوهنا تفصل بينها نافذة زجاجية”.
وعن أوضاع السجون تقول ام كريم:
“في السابق كانت الأمور المتاحة في السجون أكثر بكثير من المتاح اليوم، اليوم الوضع زاد صعوبة، بينما في الساحة كان يسمح للأهل بإدخال الزيت والزيتون وأصناف كثير من الطبخ (كأوراق الدوالي) والأرز إضافة إلى الملابس دون تحديد والقهوة والشاي، أما اليوم فاستعيض عن المسموحات السابقة بالكانتينا وهي مبلغٌ (يصل إلى 1300 شاقل شهريًا)، يُدفع لدكانة السجن ليتزوّد الأسير ببعض مستلزماته من صابونٍ ودخان وشامبو وأدوات حلاقة ومعجون أسنان وغير ذلك،.
أما صحة السجين فتصفه والدته صبحية يونس وتقول:
“هو على ما يُرام، ويواصل دراسته الجامعية، وفي كل مرةٍ أراه فيها يبدو أكثر عزمًا وإصرارًا، وهو شديد التفاؤل بقرب خروجه من السجن، حيث أنه بعد اعتقاله بقليل طلبه أحمد جبريل في إحدى الصفقات مع إسرائيل، بعد أن هدّد جبريل بقتل الأسرى الإسرائيليين الثلاثة في حال تمّ اعدام كريم”.
وفي بيتها في قرية عارة في المثلث، جلست ام كريم وقالت:
“حتى الكرسي ملّ هو الآخر انتظار كريم، إنني اشتاقُ الى ابني بصورة لا اعرف وصفها، تفوق الخيال، اشتاق لضمه الى صدري وعناقه طويلاً، وأخشى ما أخشاه أن أنهار ساعة لقائه، فلا تحملني رجلاي وأفقد توازني ويضيع وعيي!! ولطالما قال لي ابني كريم عُدّي الساعات حتى أدخل إليكِ على غيرِ موعدٍ، فأصدقه، لأنني أعرف أنّ إسرائيل اعتادت على الافراج عن السجناء السياسيين دون سابق انذار…” وتضيف ام كريم بنبرة أهدأ: كثيرًا ما سألته: هل تذكر طريق بيتنا؟! فيضحك ويقول “وهل أتوه عن البيت، ثم أنه سهلٌ جدًا، انه على الشارع الرئيسي، مقابل محطة الباص!”…
حزينة تبدو ام كريم، بسبب بعدها عن ابنها السجين، وكلما تحدثت عنه انهمرت دموعها فعادت الى تجفيف وجنتيها من جديد، ثم هدأ البكاء فقالت: “لم يكن ما هو أجمل من أن يُمسك الشقيق بذراع شقيقته ويسلمها هو الى عريسها”!! وعندما احتفلنا بزفاف اصغر ابنائي انطلقت الموسيقى في المكان، وأثرَ بي صوت المغني وهو يقول: “انا مسافر يا امي ودعيني”… وفي مقطع آخر “…أنا عرفان يا امي دمعاتك سخية”… عندها بكيت بحرقةٍ شديدة في ركنٍ منزوٍ، فنظر اليّ أحد الأقرباء، وامسك بي (رحمة الله عليه، لقد توفي)، يومها سألها باستغراب: “ألستِ أنتِ ام كريم الصامدة الصابرة؟! كيف يمكن لكِ أن تكوني ضعيفة بهذا الشكل؟!!”.
بمناسبة دخول المناضل كريم يونس عامه الثلاثين داخل السجون الإسرائيلية كتب وزير الأسرى في السلطة الوطنية عيسى قراقع التالي:
دخل عامع الثلاثين بتاريخ 6/1/2012, الأسير الأقدم حاليا في سجون الاحتلال وفي العالم, المثقف الكاتب والحالم والشاعر والغير قادر أن يستوعب اعتقال المشاعر الإنسانية وتكبيلها بالحديد ودياجير الظلام في عصر الانفتاح والديمقراطية وربيع حقوق الإنسان.
الأسير كريم يونس ابن قرية عارة في الداخل الفلسطيني الذي طبق عليه وعلى غيره من الأسرى نظام الأبرتهايد بكل امتياز, سلبوه حق المواطنة كفلسطيني يعيش على أرضه داخل دولة إسرائيل, وسلبوه حقه الوطني والسياسي باستثنائه من كل تفاوض وصفقة واعتباره كأنه لا ينتمي إلى أي أرض ولا هوية.
في رسالته الأخيرة والغاضبة تساءل كريم يونس عن أسباب عدم شمول الصفقة لكافة الأسرى القدامى وإبقاء أكثر من مائة أسير يقبعون في السجون تحت رحمة القوانين والمقاييس الإسرائيلية الظالمة, وكأنه في أسئلته كان يبحث عن التحدي للمفاهيم الإسرائيلية التي تعاطت مع الأسرى وفق تصنيفات وتقسيمات حوّلت الأسرى إلى مجرد أرقام وملفات ورهائن مجردين من حقوقهم الإنسانية.
ثلاثون عاما وكريم يونس يبحث عن هويته واسمه وكيانه الإنساني والوطني, وقد مرّت عليه حروب واتفاقيات ومشاهد ومعاهدات وصفقات ولا زال خارج النص والفعل والقرار, كأنه بطل ينازع ظلا, وظلا يفتش عن المعنى في المكان.
ثلاثون عاما وكريم يونس يصرخ تحت مقصلة الاعدام, يهبط ويرتفع , يشهق ويغني, ويرى الحياة أبعد من سجن ومعسكر لدولة لا تجيد سوى إطلاق النار, ويرى نفسه يرتدي شجرا وله أثر الفجر على الندى, ونشيد الطلبة في فوج المدارس لا يطيع النسيان.
اما الاسير المناضل ماهر يونس
ولد ماهر يونس يوم 9/1/1958م في قرية عرعرة / المثلث الشمالي, بين شقيق واحد وخمس شقيقات, وقد أنهى دراسته الابتدائية في مدارس القرية, ثم التحق بالمدرسة الزراعية في مدينة الخضيرة, وفي يوم 19/1/1983م اعتقلته السلطات الإسرائيلية, وبعد التحقيق معه وجهت له النيابة العسكرية تهمة الانتماء إلى منظمة فتح, المحظورة, وحيازة أسلحة بطريقة غير قانونية, وقتل جندي إسرائيلي, وبعد 27 جلسة من النحاكمات حكمت عليه المحكمة العسكرية في مدينة اللد بالإعدام شنقا, وبعد الحكم مباشرة استبدلت العائلة المحامي الأول بمحامي آخر يدعى زخروني من مدينة بيتح تكفا, وخلال جلسات قصيرة لم تستغرق أكثر من شهر واحد أعادت المحكمة النظر في قرارها السابق وخفضته من الاعدام إلى السجن المؤبد, وحتى كتابة هذه السطور تنقل ماهر بين كل من سجن عارة, الخضيرة, الجلمة, كفار يونا, الرملة, عسقلان, نفحة, بئر السبع, الشارون, مجدو, وهدريم, واليوم لا يزال ماهر أعزبا ويقبع في سجن الجلبوع, وخلال وجوده في السجن التحق بالجامعة المفتوحة قسم اللغات, وحال دون حصوله على اللقب الأول فقط أربعة مواضيع, لأن السلطات الإسرائيلية منعته وزملائه من الاستمرار بالدراسة.
وراء كل رجل عظيم امرأة, فقد كان ولا يزال وراء ماهر يونس والدته, تلك المرأة التي تتمتع بشخصية قوية وثقافة عالية, وكانت ولا تزال فاعلة بين ذوي الأسرى, في خدمة الأسرى والدفاع عن حقوقهم, وقد خلفت أم كريم عندما أقعدها المرض لتكون هي ممثلة ذوي الأسرى في الداخل الفلسطيني, والناطقة باسمهم, ففي الاجتماع الذي عقد يوم 3/3/2012م تكريما لكريم وماهر كانت هي صاحبة الكلمة المميزة في هذا المهرجان الكبير, وكان ماهر قد أخذ من والدته كل صفات القوة والحكمة والمثابرة , حيث أنه صاحب شخصية قوية, ويتمتع بمعنويات عالية, ويشارك زملائه الأسرى معظم الفعاليات والاحتجاجات التي تصب في صالح الأسرى السياسيين.
الجدير بالذكر أنه بعد أن تحرر عميد الأسرى سامي خالد يونس من خلال عملية تبادل الأسرى بين إسرائيل ومنظمة حماس, أصبح كريم يونس وماهر يونس عميدا الأسرى في السجون الإسرائيلية, في كل فلسطين, وبهذه المناسبة أقامت جمعية أنصار السجين “الرابطة” يوم 3/3/2012م حفلا في قرية عارة, في بيت كريم يونس, تخلله كلمات قصيرة, وإشعال شعلة كبيرة فوق موقع بارز بين الحضور, وإشعال عددا من الشموع حول الموقع, وهو تقليد سنوي, يقام في بيت كل أسير يكون قد قضى أكبر فترة داخل السجون الإسرائيلية, حيث يطلق عليه اسم “عميد الأسرى”, وكان قد مضى على كريم وماهر ما يقارب 30 عاما على وجودهما وراء القضبان, هذا الاحتفال التقليدي هو في حد ذاته إشارة إلى الديمقراطية المزيفة التي تتشدق بها حكومة إسرائيل, ورسالة إلى العالم ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن السجون الإسرائيلية هي إعدام بطيء للأسير السياسي الفلسطيني, حيث لا تحديد زمني لأحكام المؤبد في القاموس الإسرائيلي.
الجدير بالذكر أن ماهر يونس ينتمي إلى عائلة لها تاريخ عريق في النضال, فمنهم من قضى نحبه, ومنهم من أمضى سنين من عمره داخل السجون الإسرائيلية, وما ندموا ولا تراجعوا, ومن هؤلاء الرجال كان:
1- المناضل حمزة يونس: وكان دخل السجون الإسرائيلية ثلاث مرات على قضايا سياسية, استطاع خلالهما الهرب مرتين.
2- الكاتب والمناضل فاضل يونس : الذي قاد مجموعة , كان من بينها قاسم أبو خضر,وقد عملت على نقل السلاح من لبنان إلى إسرائيل, وقد أمضى فاضل في السجون الإسرائيلية مدة 15 عاما, وعن مزيد من المعلومات حول هذا الرجل تجدها في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
3- المناضل عصام يونس: الذي قاد عدة مجموعات مسلحة, والتي بدورها نفذت 73 عملية عسكرية في منطقتي جنين وقباطية.
4- الشهيد محمود سعيد يونس: استشهد خلال الحرب العربية اليهودية سنة 1948م في معركة غير متكافئة في وادي عارة.
5- الشهيد عمر خالد يونس: شقيق سامي يونس استشهد خلال الحرب العربية اليهودية سنة 1948م عند مستعمرة موتسكن, عندما كان يقاتل في صفوف المقاومة دفاعا عن مدينة حيفا.
6- المناضل عبد اللطيف عبد القادر يونس: اعتقلته السلطات الإسرائيلية في شهر 10/1966م بتهمة التجسس لصالح الأردن, وأمضى في السجون الإسرائيلية ست سنوات, وبعدها سنه واحدة اعتقالا منزليا.